مقالات طبية

تأثير فترة “الحيض” على مزاج المرأة

صحة نيوز – اضطرابات ما قبل الحيض، عبارة عن مجموعة من الأعراض التي تحدث معاً، وتتضمن اضطرابات خفيفة في المزاج، بالإضافة إلى أعراض جسدية أخرى. وتحدث اضطرابات ما قبل الحيض في الفترة التي تسبق الحيض مباشرة وتختفي مع بداية نزول الحيض، أي خلال الأسبوع الأخير من الدورة الشهرية، أي من يوم 21 الى يوم 28 للنساء التي تكون الدورة الشهرية منتظمة لديهن.
ويعاني ما يقارب 75 % من النساء اللاتي يحضن من أعراض متلازمة ما قبل الحيض، لكن تختلف الأعراض في شدتها من سيدة إلى أخرى.
أسباب حدوث اضطرابات ما قبل الحيض
خلال الدورة الشهرية تتعرض المرأة لتقلبات هائلة في الهرمونات، فقبل نزول الحيض يحدث انخفاض في مستوى هرموني الإستروجين والبروجسترون (الهرمونات الأنثوية)، يوجد لهذه الهرمونات مستقبلات خاصة في الدماغ، وينتج عن ارتباط هذه الهرمونات بمستقبلاتها تأثيرات وتغيرات على مزاج المرأة وعلى جسم المرأة بشكل عام.
لكن يتأثر ارتباط هذه الهرمونات بمستقبلاتها بعاملين أساسيين هما:
1 – مستوى الهرمونات الأنثوية الموجودة بجسم المرأة (كمية الهرمونات).
2 – عدد المستقبلات لهذه الهرمونات سواء كان زيادة في إنتاج هذه المستقبلات أو نقصان في إنتاجها.
هذان العاملان يؤديان إلى اختلاف شدة الأعراض ما بين النساء، أي أنه إذا كان هناك نفس كمية الهرمونات عند امرأتين فهذا لا يعني أن لديهما نفس شدة الأعراض، لأنه من الممكن أن يكون هناك اختلاف في كمية المستقبلات، أيضا حتى لو كان لديهما نفس كمية المستقبلات من الممكن أن يكون لديهما اختلاف في شدة الارتباط ما بين الهرمونات ومستقبلاتها. لذلك يجب أن نركز على أن 75 % من النساء اللاتي يعانين من اضطرابات ما قبل الحيض هناك اختلاف في ما بينهن في شدة الأعراض، حيث إن بعض النساء تكون شدة الأعراض لديهن خفيفة والبعض الآخر متوسطة والبعض الآخر شديدة أو حادة.
من الأمثلة على هذه الارتباطات ما بين الهرمونات الأنثوية ومستقبلاتها في الدماغ، ارتباط هرموني الإستروجين والبروجسترون مع الناقل العصبي الرئيسي الذي يعمل على تثبيط الجهاز العصبي المركزي (GABA). حيث إن هرمون الإستروجين يعمل على تثبيط مستقبلات GABA وبالتالي يعطي المرأة الشعور باليقظة والنشاط، بينما يعمل هرمون البروجسترون على تنشيط مستقبلات GABA . خلال الأسبوع الأخير من الدورة الشهرية ينخفض مستوى هرمون الإستروجين وينخفض مستوى هرمون البروجسترون لكن بدرجة أقل من هرمون الإستروجين ولفترة قصيرة، وبالتالي عندما ينخفض هرمون الإستروجين في الاسبوع الأخير من الدورة الشهرية ( من يوم 21 الى يوم 28 ) ينخفض عند المرأة شعور اليقظة والنشاط لديها، وبالتالي تتعرض المرأة الى أعراض تشبه أعراض الاكتئاب لكنه ليس اكتئابا حقيقيا. بمعنى يحدث اضطرابات بالمزاج تصنف على أنها خفيفة نتيجة لانخفاض مستوى هذه الهرمونات.
أعراض اضطرابات ما قبل الحيض
بسبب حدوث اضطرابات بمستوى الهرمونات الأنثوية، تتعرض المرأة لتقلبات أو اضطرابات خفيفة بالمزاج، وتصبح أكثر عصبية وقلقاً، وتزداد رغبتها بالنوم في أغلب الأحيان، وفي حالات أخرى تصاب بالأرق (قلة النوم)، كما قد تتعرض لنوبات بكاء، بالإضافة إلى التأثير السلبي على علاقاتها الاجتماعية.
وتصنف هذه الأعراض على أنها أعراض عاطفية أو نفسية، ومن جهة أخرى هناك أعراض تصنف على أنها أعراض جسدية، مثل التعب العام بالجسم، وقلة النشاط، والصداع، وألم البطن، مما يؤدي إلى عدم الرغبة للذهاب إلى المدرسة أو الجامعة أو العمل، وزيادة الشهية والرغبة بتناول الطعام، لذلك من الممكن أن نجد عند بعض النساء فرق بالوزن من 1-2 كغ قبل نزول الحيض وبعد.
كما ذكرنا سابقاً فإن هذه الأعراض تصيب ما يقارب 75 % من النساء، لكنها تتفاوت في شدتها بين النساء.
تشخيص اضطرابات ما قبل الحيض
لتشخيص الإصابة باضطرابات ما قبل الحيض يفضل توجيه المرأة لعمل مخطط أو جدول (Charts) تكتب فيه بشكل يومي الأعراض والأحداث التي تتعرض لها، وبخاصة خلال الأسبوع الأخير من الدورة الشهرية (من يوم 21 الى يوم 28) ولمدة شهرين متتاليين، حتى يتم تأكيد إصابة المرأة بالأعراض المتعلقة باضطرابات ما قبل الحيض، حيث من الصعب تشخيص الأعراض النفسية، لذلك نحتاج فترة ليست بالقصيرة لنراقب الأعراض.
علاج اضطرابات ما قبل الحيض
بداية يتم علاج اضطرابات ما قبل الحيض إذا كانت الأعراض التي تصيب المرأة خفيفة إلى متوسطة في شدتها عن طريق العلاج غير الدوائي، وبعد شهرين من تجربة العلاج غير الدوائي إذا لم يكن هناك أي تحسن على الأعراض نلجأ للعلاج الدوائي.
أولاً: العلاج غير الدوائي
يتمثل العلاج غير الدوائي بتغيير نمط الحياة التي اعتادت المرأة على ممارستها، ومن الأمثلة على هذه التغييرات التقليل من تناول أي مشروب يحتوي على مادة الكافيين لأن شرب الكافيين يزيد من التوتر والعصبية التي أصلاً تعاني منها المرأة في هذه الفترة من الدورة الشهرية، ومن هذه المشروبات الشاي، والقهوة، والشوكولاته، والمشروبات الغازية وخاصة الخالية من السكر، ومشروبات الطاقة مثل الريد بول.
كما يتضمن العلاج غير الدوائي تقليل تناول الأطعمة التي تحتوي على السكر بكميات كبيرة مثل الحلويات، والتقليل من تناول الأطعمة التي تحتوي على الصوديوم، ومصدره الرئيسي هو ملح الطعام والأطعمة التي تحتوي على البهارات والتوابل وبعض المأكولات البحرية، كما ينصح بممارسة التمارين الرياضية بشكل منتظم ويومي وليس فقط في فترة حدوث الأعراض، مثل المشي السريع والجري والسباحة، ويفضل أن تكون التمارين الرياضية لمدة نصف ساعة كل يوم على الأقل، فالتمارين الرياضية تحسن من الدورة الدموية وعمل الرئتين، مما يقلل من أعراض التعب والاكتئاب الذي يصيب المرأة، وللرياضة تأثير إيجابي على صحة المرأة بشكل عام.
هذه التغييرات في نمط الحياة يجب أن تستمر لمدة شهرين، بمعنى أنه يجب الانتظار لمدة شهرين قبل الحكم على هذا النوع من العلاج أنه غير مفيد.
من جهة أخرى هناك بعض الفيتامينات والمعادن التي تعمل على التقليل من الأعراض الجسدية الني ذكرناها سابقا مثل فيتامين B6 بجرعة (50 – 100مغ يومياً)، والكالسيوم كربونات بجرعة (1200 ملغم يومياً)، أيضا يوجد بعض الخيارات الأخرى كالاسترخاء عن طريق ممارسة رياضة اليوغا أو التمارين التنفسية التي من شأنها زيادة الطاقة الحيوية وزيادة مستوى اليقظة والنشاط عند المرأة، كما أن تناول الأطعمة الصحية والطبيعية مثل خبز القمح، والعدس، والأرز البني يقلل من أعراض المزاج وتقلل من الرغبة الشديدة لتناول الطعام.
ثانياً: العلاج الدوائي
إذا استمرت الأعراض بعد شهرين من بدء العلاج غير الدوائي، في هذه الحالة تصنف الأعراض على أنها حادة أو شديدة، ويسمى المرض “اضطراب ما قبل الطمث الاكتئابي”. في هذه الحالة تكون الأدوية المضادة للاكتئاب هي الخيار الأول، وتعطى هذه الأدوية قبل أسبوعين من ظهور الأعراض أو بشكل يومي منتظم خلال الدورة الشهرية بشكل، وهناك عدة أنواع من الأدوية المضادة للاكتئاب، إذا لم يكن هناك استجابة على أحد هذه الأنواع يتم تحويل المرأة إلى نوع آخر بالاعتماد على مشورة الطبيب المشرف والدكتور الصيدلاني.

تعليقاتكم