رشاقة و جمال

نساء يعرضن حياتهن للخطر بـ “هوس” عمليات التجميل

صحة نيوز – يفتقد الكثير من الفتيات القناعة الكافية لتقبل الشكل كما هو، إذ زاد في الآونة الأخيرة “الهوس” نحو العمليات التجميلية التي يلجأن إليها لتغيير في وجوههن أو أشكال أجسادهن، وبالتالي تعريض حياتهن للخطر.

عيادات التجميل التي تروج لنفسها باستمرار على مواقع التواصل الاجتماعي، أثرت كثيرا بعقول الفتيات اللواتي وصلن لنتيجة أن باستطاعتهن تغيير شكل أجسادهن بساعات فقط! ومن دون مجهود.
كذلك، لا تتوقف صفحات المشاهير حول العالم بنشر الصور التي تؤشر على التغييرات التي طرأت على أشكالهم وحصلوا عليها عند أشهر أطباء التجميل، وبالتالي تأثر وتقليد من قبل من يتابعهم.
الفتاة التي تتابع هذه الصفحات تشعر للحظة أن هذا الأمر أشبه بـ “السحر”، إذ بامكانها وعبر عملية بسيطة أن تتحول لفتاة “خارقة الجمال”، كما تعتقد، ما يدفعها للجوء لأطباء التجميل والمجازفة دون أن يكون هناك أي توعية من المخاطر الأخرى.
ذلك الهوس، دفع فتيات للمخاطرة فعلاً، كما حصل مع رزان (30 عاما) التي فقدت عينها في عملية شفط الدهون، حيث عانت من حالة صحية معقدة، بسبب شبهة خطأ طبي خلال عملية شفط دهون بمركز طبي متخصص، أجرتها للتخفيف من وزنها الزائد. وكانت تعرضت لنزيف أثناء العملية، ما دفع طبيبها لاستئصال شريان مرتبط بشبكية العين اليمنى. وهذه حالة واحدة من كثيرات غيرها دفعن حياتهن ثمنا لأخطاء طبية أثناء عمليات التجميل.
دراسات كثيرة أثبتب أن فقدان الثقة بالنفس ومتابعة المشاهير السبب وراء هذه الهوس، كما حلل باحثون في جامعة برمنغهام ردود 1300 من المراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و18 عاما في المدارس البريطانية لتحديد موقفهم من مواقع مثل “فيسبوك” و”تويتر” و”انستغرام”.
ووجدوا أنهم يشعرون بتعاسة نتيجة الضغط الجديد من الأقران المراهقين مرتبط بالصور الفوتوغرافية ونشرها عبر الانترنت، فإذا تجاهلوا ما يقوم به المشاهير، لن يستطيعوا في الوقت ذاته تجاهل ما ينشره أصدقاؤهم. لذا تتضاعف فكرة التشكيك بمظهرهم الجسدي لمقارنة أنفسهم بأشكال المشاهير ما يولد لديهم قلة ثقة بالنفس ويضاعف من العدوانية وممارسة التنمر بين بعضهم.
وحذرت دراسات مختلفة من أثر السيلفي وتلك الفلاتر، وارتباطها في رفع خطر الإصابة بـ “اضطراب تشوه الجسد”، وانعكاسه على الصحة العقلية والبدنية للمراهقين وحتى الكبار، إذ حذرت الرابطة الألمانية لأطباء الأطفال والمراهقين من هذا.
وبينت أن الاضطراب يندرج ضمن الوسواس القهري، وفيه يشعر الشخص المصاب بقلق مفرط بسبب عيب في شكل أو معالم جسمه، ما يرفع خطر الإصابة بالاكتئاب أو محاولة الانتحار.
فيما دراسة أخرى نشرت في مجلة “بودي ايمج” عن سلوكيات السيلفي ونشرها عبر الانترنت، وجدت أن الفتيات والنساء بين عمر 16-29 اللواتي نشرن صور سيلفي لهن عبر مواقع التواصل الاجتماعي، شعرن بالقلق بشكل كبير وكانت ثقتهن بأنفسهن أقل، وكأنهن لا يملكن الجاذبية، وذلك بعد أن تمت المقارنة بالمجموعة التي استخدمت صورا سيطر عليها “الفلتر”، وجدوا أن الآثار السلبية أقل لمن تحكمن بظروف صورهن وقمن بتعديلها لتبدو أجمل.
ويذهب الاختصاصي النفسي الدكتور عبدالله عدس الى أن هناك فرقا بين العمليات التجميلية بشكل عام لتصحيح العيوب الخلقية، لكن ما نلاحظه حالياً هو ظاهرة العدوى الاجتماعية والتقليد، وهو ما يجعل الإنسان يتصرف بطريقة عاطفية وليست عقلانية على الاطلاق.
وبالتالي فإن موازين الجمال اختلت عند الكثير من النساء وفق عدس، بسبب الكم الكبير من الإعلانات التي تشجع على هذه العمليات، وبالتالي أصبحت فرصة لاستغلال النساء من أجل إجراء العمليات على قاعدة أن الشكل سيصبح أجمل بكثير.
ولكن للأسف، اعتماد هذه الطريقة له عواقب سلبية لأن من يخضع لهذا النوع من العمليات، إذ تبدأ الفتاة بواحدة بسيطة لتتدرج نحو تجريب كل شيء، مبيناً أن هذا الأمر يستنزف الوقت والمال، وقد يعرضها لمضاعفات طبية خطيرة أحيانا، كفقدان بعض الأعضاء أو تشوه أو فقدان بعض الحواس، أو مضاعفات نفسية كحالات من الاكتئاب والقلق ومضاعفات مرتبطة بالنوم.
ويتابع عدس بأن هذه العمليات لها أبعاد متعددة، مؤكدا على أهمية الرضا عن الذات والمظهر الخارجي وبأن يكون لدى الانسان قناعة ثابتة بشكله ومظهره.
ويعتبر عدس أن الفكرة في التواصل مع الآخرين تعتمد جزئياً على المظهر وليس كلياً، فالمظهر مهم والشكل الخارجي مهم، لكن الأهمية القصوى يجب أن تولى لمنظومة الأفكار والمشاعر والمسلكيات، وبما لدى الشخص من معلومات وثقافة وأفكار إيجابية وليس الحكم على شكله.
هذه الظاهرة هي منتشرة بين الأجيال الأصغر سناً، ناصحاً الجميع بأخذ النصح والمشورة، ومحاولة التأني عادة قبل الإقدام على مثل هذه العمليات التي فيها جزء كبير من الاستغلال والربح المادي دون مراعاة الجوانب والضوابط الأخرى.
ويرى عدس أن عالم التواصل الاجتماعي والفضاء الالكتروني يفرض تحدياته الجديدة، مبيناً أن كثيرا من السيدات يتأثرن بالمشاهير ويحاولن التقليد من دون مراعاة للعواقب المترتبة على ذلك.
ويبلغ عدد مستخدمي الإنترنت في الأردن نحو 6.6 مليون مستخدم، كما ان نسبة استخدام الانترنت توسع بالأردن بمتوسط 80 %، وبلغت نسبة الانتشار بين العمر 18-34 لما يقارب 75 %. وتقدر نسبة امتلاك الأردنيين للهواتف الذكية بـ 76 %، وفق أرقام نشرها تقرير مركز بيو للأبحاث عن ارتفاع نسبة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي حول العالم في دراسة شملت 39 دولة.
رئيس قسم الحروق وجراحة التجميل والترميم في مستشفى البشير الدكتور محمود البطاينة يبين أن لجراحة التجميل شقين، واحد يعتمد على العمليات مثل الشد والشفط والتكبير، والشق الثاني هو الترميم، مبيناً أن التجميل هو الذي يشهد إقبالاً كبيراً.
ويلفت إلى أن بعض الأطباء وهم ليسوا جراحي تجميل في الأساس، لكنهم يقوموا بإجراء عمليات تجميل متنوعة.
الى ذلك، البعض ممن يقومون بإجراء عمليات تجميلية في القطاع الخاص من خلفية طب عام أو جراحة عامة وهذا لا يخولهم لمثل هذه العمليات لأنهم ليسوا مؤهلين.
ويشير البطاينة أن المسؤولية في هذه الحالة تقع على الطرفين، الطبيب والمريض، مبيناً أن المريض يجب أن يعرف قبل أن يذهب لأي طبيب بأنه مرخص ولديه سجل، كذلك الطبيب عليه أن يعطي المريض استشارة حقيقية غير تجارية إذا كان فعلا المريض يستحق هذه العملية أو لا.

تعليقاتكم