قضية و تحقيق

مستـشـفــى الأميــر حمـــزة .. تراجع كبير ولا بد من إعادة الترتيب

عمان ـ الدستور ـ كوثر صوالحة .

كان الدخول الى المكان سهلا رغم ان الساعة كانت تجاوزت السابعة والنصف مساء ومن المفترض انك لا تستطيع الدخول الى اي
مستشفى عام بعد انتهاء وقت الزيارة، إلا أننا وبسلاسة وهدوء دخلنا الى مستشفى الامير حمزة ولم يكن الهدف الكشف عن السلبيات بل الوقوف على آلية تعامل المستشفى في ساعات المساء.
دلفنا الى المستشفى وتجولنا فيه بكل أريحية، ننتقل من قسم الى آخر ومن غرفة الى أخرى لسبب بسيط انه لا يوجد احد إلا عمال الخدمات، ومن ثم تحول التجوال الى صعب بعد ان دخل الشك الى احد المراقبين بمن نكون نحن صحفيون أم من الوزارة.
دخلت «الدستور» الى مستشفى الأمير حمزة والهدف هو التحقق من شكوى وصلت للصحيفة في يوم جمعة وتركزت حول عدم وجود أطباء وممرضين يتناسبون مع فترة الضغط في الإسعاف والطوارئ ولا سيما في اسعاف الباطنية.تجولت «الدستور» في كافة طوابق المستشفى دون أن نُسأل مَن نحن، وكان المستقبلون في كافة طوابق المستشفى هم عمال الخدمات، حتى ان من استقبلنا وعرف إلى نفسه انه ممرض في قسم الباطنية هو من عمال الخدمات وكان يقوم بترتيب الملفات وحين سألناه هل انت الوحيد الموجود؟ أجاب: زملائي موجودون! وتابع عمله في ترتيب الاوراق واستقبال المرضى او الزائرين، وعندما طلبت منه امرأة في الردهة أن يأتي ممرض لزوجها فقال لها: سأحضر بعد أن أنهي عملا بيدي.
قلت لها : هذا ليس ممرضا، هو عامل خدمات، فقالت: والله يا خالتي لا يوجد غيره.. سوف يحضر ويرى زوجي، ماذا استطيع ان اعمل ولم اشتك لإحضار غيره.
احد الزائرين لوالده ساعدنا في التقاط الصورة لعامل الخدمات وهو يتصدر الموقف في قسم الباطنية /رجال، حيث قام بمشاغلته في الحديث فالتقطنا الصورة.
اثناء تجوالنا في قسم الباطنية /رجال لم نشاهد الا ممرضا واحدا رفض الكشف عن اسمه ورفض التصوير قائلا: مستحيل، سألته أأنت الوحيد الموجود هنا؟ أجاب لا، نحن ثلاثة الان، ممرض في العناية الحثيثة وانا هنا وممرض اخر الا انه اليوم لم يأت لوجود حدث طارئ لديه، فسألناه هل تستطيع ان تراقب 50 مريضا؟ اجاب نقوم بمساعدة المريض على حسابنا نحن وليس على حساب المريض وهناك طبيب الا انه ذهب الى العشاء، الوضع ليس بالسهل ولكننا نعاني من نقص في التمريض والكوادر هذا هو الموضوع.
اثناء التجول في طوابق المستشفى ترى وفود الزيارات واحدا تلو الاخر، سألت احد العاملين في المستشفى، فقال لا، الزيارة حتى السابعة، ليفاجئنا زائر بالقول :الزيارة 24 ساعة والثمن قد يكون دينارا او دينارا ونصف الدينار! لكن عمال نفوا ذلك وقالوا ليس صحيحا، انما نراعي ظروف الناس اذا ارادوا الاطمئنان على اهلهم في المستشفى.
واضاف ذات الزائر: انا ادخل يوميا واخرج كما اريد واعود ليلا ولا يوجد اي مانع في ذلك واحضر ما اريده الى المستشفى ولا يوجد من يمنعنا، على العكس وفي اي ساعة بامكان اي انسان الدخول الى المستشفى.
في قسم الباطنية/ نساء، وجدنا احد عمال الخدمات وهو يقف مع مسؤوله المباشر يطلب منه ان يذهب الى الاسعاف والطوارئ من اجل المساعدة في نقل المرضى، ذهبنا واياه الى الاسعاف والطوارئ، وفي خضم المراجعات الكبيرة للقسم ووجود طبيبين مقيمين فقط لعدد كبير من المرضى وعدم وجود الاسرة الكافية ينتظر المرضى على المقاعد ويمكن ان يتم اعطاؤهم الحقن وهم على كراسي الانتظار لعدم وجود اسرّة، فكافة الاسرة مشغولة تماما.
تجولنا في قسم الباطنية في الاسعاف والطوارئ ونحن نخفي انفسنا من نكون ولم نسأل من قبل احد، فالاطباء مشغولون مع المرضى.
شاهدنا شابا وفتاة لا يرتديان الروب الابيض خلف الاطباء، وكانوا مشغولين بلعبة «الكاندي كراش». سألنا عامل خدمات رافقنا للاسعاف والطوارئ ان كان هؤلاء مراجعين، فأجاب انهم ممرضون في القسم وليسوا مراجعين.
مرافقنا الذي رافقنا الى الاسعاف والطوارئ سالنا من انتم :صحة ام صحافة؟ وتابع «سركم في بير، انا كاشفكم من فوق» فسالته عن عمله، فقال انا اقوم بنقل المرضى، فقلت له ولكن هذا ليس في نطاق عملك واختصاصك، فاجاب انا لدي الخبرة واستطيع التعامل مع اي حالة، فسالته عن خبرته في هذا المجال كيف جاءت، فاجاب:منذ شهرين ونصف الشهر وانا اشاهد الممرضين كيف يعملون !.
هذا العامل لازمنا، ومسؤوله وقف على الباب للمراقبة، الا اننا وبكل سهولة ويسر استطعنا ان نسال الاطباء واجابوا بصراحة الا انهم رفضوا التعريف بأنفسهم او التقاط الصور، حيث قال احد الاطباء: ان هذا القسم يعاني من ضغط كبير جدا، فنحن نستقبل كافة الحالات من ضغط وسكري وجلطات وسكتات قلبية والعديد من الحوادث، موضحا ان الوضع بعد التاسعة يصبح اسوأ ولا نستطيع السيطرة على الموقف والسيطرة تكون على اعصابنا لاننا طبيبان فقط ونحتاج الى طبيب اخر حتى نستطيع ان نتعامل مع كافة المرضى مضافا الى ذلك التوتر الذي ينشب بين الكادر والمواطنين لطول الانتظار، ولكن في حال ورود اكثر من حالة خطرة فماذا يمكن ان نفعل نحن؟.
المشكلة الكبرى بالقسم والتي فعليا من الصعب التعامل معها ان المريض لا يذهب مع مرافق واحد فقط بل يأتي بعائلته احيانا وجيرانه مما يترك شعورا بعدم الراحة، حيث لا يستطيع الطبيب ان يتجول او ان يأخذ راحته في فحص المريض، فاكثر من فم يسال واكثر من راس متحفز، يلتفون حول السرير ويفتح الطريق من الازمة للطبيب وفي حال تذمر الطبيب يجد كافة المرافقين متحفزين.
الطبيب الاخر في ذات القسم قال، ان هذا اكثر مستشفى يعاني من التوتر العالي والضغط، حيث لا يوجد الكادر المناسب، فنحن طبيبان وممرضان فقط ويراجع القسم كل انواع الحالات وهذا يشكل نوعا من الضغط الكبير الذي لا يمكن ان يتحمله احد.
حاولنا سؤال المواطنين، لكن الغريب ان اكثرهم يخشون الحديث للصحافة، وفي المقابل هناك من يتبرع للحديث، حيث قال احد المواطنين المرافقين لوالده، ان الاطباء يقومون بواجبهم ولكن الملل الذي يصيبك من كثرة الازدحام وعدم وجود اسرة وقد يكون المريض الذي ترافقه بحالة صعبة جدا مما يؤدي بك الى فقد اعصابك في لحظة،والملفت ان من يسالك عن الموضوع عمال الخدمات وكما تلاحظون الاطباء يتابعون الحالات والممرضون مشغولون بهواتفهم النقالة وفي الالعاب.
حاولنا التقاط صور للممرضين اللذين طيلة وجودنا في قسم اسعاف الباطنية كانا يلعبان «الكاندي كراش»، الا ان احدهما اضطر للذهاب الى احد الاطباء لتبقى الممرضة تمارس هوايتها مع «الكاندي كراش» وعندما اخبرها عمال الخدمات انني التقطت لها صورة بالهاتف وقفت في الممر لتبادرني فورا بالسؤال:» كنت تتحدثين مع الاطباء، عن ماذا؟ اريد ان اعرف من انت؟ ولماذا قمت بتصويري؟ فأجبتها: انت تلعبين وقت عملك الرسمي وفي وجود عدد كبير من المرضى، فاجابت :ماذا يعني المرضى؟ كلهم انتهوا من مراجعاتهم وليس لدي شيء فما المشكلة في ان ألعب ؟.
سألتها: هل يوجد سرير فارغ؟ هناك من لديه جهاز للاوكسجين واخر لديه املاح وكل مريض على السرير شاهدناه ما زال يتلقى العلاج، فاجابت اهله عنده، واتمنى ان لا تكوني التقطت صورة لي لانني حرة ولا يوجد عندي شغل.
اللافت للنظر انني لم اشاهد ممرضا يرتدي روبه الابيض او اللباس المخصص له، فتعتقد انه مريض او مرافق لتكتشف انه ممرض.
تركتها وذهبنا الى جولات اخرى لنسأل احد المراجعين، فقال والدي يعاني من مرض السكر وتعبٌ جدا ولا يوجد سرير ولا احد يسالني ما هو الوضع او الحالة، فاجابه مراقبنا من عمال الخدمات:ماذا به ؟الان سوف اتدبر امره!.
مواطنة رفضت الحديث وقالت انا لا اتحدث مع الصحافة لياتي مواطن اخر ويقول: الاطباء غير مقصرين، ولكن لا يوجد نظام في العمل، متسائلا : كيف يمكن ان يستقبلك عامل خدمات، ولا اقصد الاهانة، لكن عمله معروف، لكن ان يقوم عامل خدمات بنقل مريض يعاني من بوادر جلطة فاعتقد انه امر خطير ومستفز والممرضون جالسون في اماكنهم، فمن يسيطر على اقسام مستشفى الامير حمزة عمال الخدمات ليلا ولا اعلم حقيقة الوضع نهارا ولكن من يحمل الاغطية ومن يحمل الملفات ومن ينقل المرضى ومن يستقبلك ومن يراقبك هم عمال الخدمات، لم اشاهد في الطوابق طبيبا وشاهدنا فقط ممرضا واحدا يجلس في قسم الباطنية، ومن يسيطر على كافة المنافذ والاعمال عمال الخدمات.
تسللنا الى بعض الغرف الداخلية وسألنا المرضى عن الخدمات فكانت اجاباتهم متنوعة، فمنهم من قال ننتظر اوقاتا طويلة ليأتي الممرض او الطبيب، ومنهم من قال يوجد ضغط لكن الامور تسير.
في قسم الاشعة حدث ولا حرج عن الهرج والمرج، فالمرضى واهاليهم او عائلاتهم ينتظرون الى ان يتم اتخاذ قرار بتحويلهم الى قسم اخر لان الاشعة معطلة ورحلة الانتظار من الواضح انها طويلة،حيث قال لنا احد المرافقين انه في الانتظار منذ ساعة وقد سقط شقيقه من مكان مرتفع وهو يتألم جدا ويحتاج الى صورة اشعة ونحن ننتظر ان يتم اما اصلاح الجهاز او نقلنا الى قسم اخر، فجاوبه مرافقنا من عمال الخدمات: سوف يحولونكم لأعلى، هناك الجهاز صالح، فقلت له انت تعرف كل شيء،فأجاب:لقد اخبرتك ان لدي خبرة.
سيدة في الستينات من العمر يحيط بها ابناؤها وهي ممدة على السرير. تقول ابنتها : لا نعلم ما بها الا انها مريضة جدا وتحتاج الى صورة اشعة ونحن ننتظر منذ اكثر من ساعة والجهاز معطل ولا احد يتحدث معنا ويقولون لنا ان هناك جهازا اخر في المستشفى ولكن لم يتم الى الان عمل اي شيء على الاطلاق ونحن ننتظر وهي تتألم ولا نستطيع ان نفعل شيئا.
في جانب اخر من ردهة الاسعاف والطوارئ وبهدوء قال لي احد الاطباء المقيمين: الوضع في المستشفى سيئ على مستوى الادارة والعمل، فلا يوجد العدد الكافي من الاطباء والممرضين والمشكلة تكمن في عمال الخدمات الذين يتحكمون في المستشفى بالدخول والخروج ونقل المرضى وهم من يعملون كل ما تتخيله، فلدينا نقص في الممرضين وهذا لا يعقل، فلا يستطيع الطبيب المقيم ان يقوم بدور الطبيب والممرض، احدى السيدات قامت باسعاف ابنها بنفسها فلا يوجد احد.
واضاف، ان زيادة عدد الكادر ووجود رقابة حقيقية وتحديد مهام عمال الخدمات ينهي الاشكالية، فعمال الخدمات معروف عملهم، الا ان العاملين بالخدمات يقومون بعمل غير مؤهلين للقيام به، فنحن نتعامل مع مرضى ونقل المريض مسؤولية، لان من يُنقل من قسم الاسعاف والطوارئ الى الاقسام الداخلية فان ذلك يعني ان حالته صعبة وتحتاج الى العناية ويجب ان يرافقه ممرض ويسلمه للممرض.
عمال الخدمات للاسف في الاقسام المختلفة يتولون نقل المرضى ومن يستقبل المريض في الاقسام عامل خدمات ايضا، اي من عامل خدمات الى عامل خدمات.
ما وجدناه في مستشفى الامير حمزة مشهد لا بد ان نتوقف عنده، فلا تنظيم ولا ادارة ولا مراقبة، وعمال الخدمات يسيطرون على كل شيء في المستشفى..
تجولنا في المستشفى كثيرا والزائرون يدخلون في اي وقت فلا توجد مراقبة على الدخول والخروج وعمال الخدمات هم من يتعاملون مع المرضى ونقلهم من مكان الى اخر.
عامل الخدمات يتصدر الموقف في احد الاقسام ويراجعونه المرضى ومرافقوهم لاي سبب، كاونتر الممرضين خال تماما من اي ممرض، وممرضو مستشفى الامير حمزة لا تستطيع ان تميزهم عن المراجعين او المرافقين لانهم لا يرتدون زيهم الرسمي لتتعرف اليهم رغم ان ذلك يعد مخالفة في العمل الرسمي.
ثلاث ساعات كان من يرافقنا ويراقبنا عمال الخدمات، ومن يستقبلك عمال الخدمات، وهم من ينقل المرضى ومن يتحدث ويوعد بحل المشاكل.
تزاحم على قسم الاشعة وانتظار للمرضى ومرافقيهم ولا احد يحل مسألة جهاز الاشعة المعطل رغم وجود جهاز آخر.
مستشفى الامير حمزة وعلى مدى سنوات مضت حقق النجاح تلو النجاح، العديد من التخصصات ادخلت من خلال هذا المستشفى التي لم تكن موجودة في وزارة الصحة، الا ان سوء الادارة والمراقبة والتنظيم يلعب الدور الكبير في التراجع الموجود في المستشفى رغم انه كان من احد القطاعات الهامة وما زال، ولكن لا بد من اعادة الترتيب في هذا المستشفى حتى يستمر في طريق النجاح، فكيف يمكن لعمال الخدمات ان يحملوا على اكتافهم عبء حماية المرضى ومسؤوليتهم وممرضون غائبون عن الوعي يعيشون في منازلهم لا يعلمون ما يدور في القسم.. اعينهم على الهاتف الخلوي لم ترمش، ولا تميزهم هل هم ممرضون او هم مراجعون يجلسون في مكان خفي.
والتساؤلات المطروحة كيف أن قسما كاملا لا تجد فيه الا ممرضا واحدا وممرضا آخر في العناية الحثيثة؟ وكيف يمكن لعامل خدمات ان يقدم خدماته للمرضى او حتى ان يعرف إلى نفسه بانه ممرض؟ كيف يمكن لمستشفى ان يترك ابوابه مفتوحة الى ان يشاء الله والدخول بأي ساعة؟ ومستشفى الأمير حمزة مستشفى يجب ان ينافس بنجاحاته أرقى المستشفيات لا أن تدمره سوء الإدارة.

تعليقاتكم