جديد الصحة

عيون اصطناعية تعيد الجمال لجرحى في غزة

تنظر الطفلة الفلسطينية نجوى برغوت (10 سنوات) مبتسمة إلى عينها الاصطناعية التي وضعتها في كف يدها الصغيرة، بينما كانت تجلس أمام جهاز لفحص العيون داخل إحدى مستشفيات قطاع غزة التي بدأت مؤخرا بتنفيذ مشروع لتركيب 44 عينا اصطناعية بالمجان لجرحى الحرب التي شنتها إسرائيلعلى القطاع صيف العام الماضي.
ولم يبدو الخوف على الطفلة برغوت -التي فقدت عينها اليسرى بسبب الحرب الإسرائيلية الأخيرة- وهي تخرج عينها الاصطناعية من محجرها وتعيد تركيبها مرة أخرى، بناءً على طلب طبيبها المعالج.
وتقول برغوت إنها “سعيدة” بالعين الاصطناعية بعد مرور قرابة العام على فقدان عينها الحقيقية، فأصدقاؤها -كما تقول- لن يخافوا منها بعد الآن بسبب عينها المفقودة، وسيتحدثون إليها ولن تكون وحيدة بعد هذا اليوم.
وتضيف “كنت أخاف عندما أنظر إلى المرآة وما كنت أحب أن أخرج من البيت، أما الآن فإنني أذهب حيثما أردت”.
والطفلة برغوت واحدة من مئات الفلسطينيين الذين فقدوا أعينهم خلال الحروب الإسرائيلية على قطاع غزة، ولم يتمكنوا من تركيب عيون اصطناعية بسبب تكلفتها الباهظة والظروف الاقتصادية القاسية التي يعيشوها.
ولا تتوفر إحصائية رسمية بعدد الفلسطينيين الذين فقدوا أعينهم بسبب إصابتهم خلال الهجمات العسكرية الإسرائيلية على القطاع.
وخلال الأعوام الستة الماضية شنت إسرائيل ثلاث حروب على قطاع غزة، أسفرت عن قتل وإصابة الآلاف من الفلسطينيين. وكانت الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة في صيف العام 2014 -التي استمرت 51 يوما- قد أودت بحياة ما يزيد عن ألفين ومئتي جريح، وإصابة 11 ألفا آخرين.
وبدأت مؤخرا مستشفى العيون التخصصي التابع لجمعية الخدمة العامة في قطاع غزة (غير حكومية) بمشروع تركيب عيون اصطناعية لعدد 44 من جرحى الحروب الإسرائيلية بتمويل من تجمع أطباء فلسطين في أوروبا (فرع ألمانيا).
وفي غرفة مجاورة لغرفة الفلسطينية برغوت كان الطفل عبد الله فورة (11 عامًا) يخرج عينه الاصطناعية من محجرها ويعيد تركيبها بإشراف الطبيب لعدة مرات كي يعتمد على ذاته في فكها وتركيبها.
وفقد الصغير فورة عينه اليمنى جراء غارة إسرائيلية خلال الحرب الأخيرة، ولم تتمكن عائلته من تركيب عين اصطناعية له بسبب تردي أوضاع العائلة الاقتصادية.
وتبدو العين الجديدة للطفل فورة مطابقة تماما لعينه الطبيعية، ويقول إنه أصبح “أكثر جمالا بعد تركيبها”.
وأصدر البنك الدولي، في نهاية الشهر الماضي، بيانا قال فيه إنّ “نسبة البطالة في قطاع غزة وصلت إلى 43%، وهي الأعلى في العالم، وأن نحو 80% من سكان القطاع يحصلون على شكل من أشكال الإعانة الاجتماعية، ولا يزال 40% منهم يقبعون تحت خط الفقر”.
وتفرض إسرائيل حصارًا على قطاع غزة منذ فوز حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، في الانتخابات البرلمانية التي أجريت عام 2006، ثم أحكمت عليه الخناق في منتصف العام 2007.
ويقول حسين “أثناء فترة الحرب الإسرائيلية، سافرت إلى تركيا للعلاج، وقرر الأطباء هناك زراعة عين لي بعد مرور أربعة أشهر، وبعد انتهاء المدة لم أستطع السفر مرة أخرى بسبب الإغلاق المستمر لمعبر رفح”.
وتغلق السلطات المصرية، معبر رفح الواصل بين قطاع غزة ومصر بشكل شبه كامل، وتفتحه فقط لعبور الحالات الإنسانية، وذلك منذ الإطاحة بأول رئيس مدني منتخب في مصر، محمد مرسي، في يوليو/تموز 2013 وما أعقبه من هجمات استهدفت مقار أمنية وعسكرية في شبه جزيرة سيناء المتاخمة للحدود.
ويشعر حسين بالرضا بعد أن استطاع تركيب عين اصطناعية، ويقول إنه أصبح يمارس حياته “بشكل أفضل”، دون التعرض “للإحراج” ممن هم حوله، ولم يعد يرى نظرات “الشفقة في عيونهم”.
وفي السياق، يقول المدير الطبي لمستشفى العيون التخصصي، إياد الهليس، إن مشروع تركيب العيون الاصطناعية لجرحى الحرب الإسرائيلية يستهدف الأطفال والنساء بالدرجة الأولى لأنهم الفئة الأكثر تضررا من الناحية النفسية.
ويتابع “يشعر المريض بالإحباط بشكل كبير لفقدان عينه، وبأنه منبوذ ممن حوله، ويقل تواصله مع المجتمع، ولكن بعد تركيب العين تتحسن أوضاعه النفسية والجمالية”.
ووفقا للهليس فإن التكلفة المادية للعين الاصطناعية تتراوح بين ألف وألفي دولار أميركي.
وأشار إلى ضرورة تركيب عين اصطناعية للأطفال المصابين، لأنهم في حالة نمو متواصل وفقدان العين يقلل من نمو محجرها، وبعد مرور عدة سنوات يكون المحجران مختلفين في الحجم بشكل ملحوظ مما يحدث تشويها لمظهر الشخص المصاب.

تعليقاتكم