أخبار الصحة

الاستنساخ

الاستنساخ هو عملية يتم فيها إنتاج نسخة مطابقة جينياً من خلية أو نسيج أو كائن حي، ويطلق على النسخة الجديدة مصطلح “مُستنسَخ”. وتعتبر النعجة الأسكتلندية “دوللي” أشهر المستنسَخات. ويعوّل العلماء على تقنية الاستنساخ في تطوير أنسجة وأعضاء لعلاج الأنسجة أو الأعضاء المصابة أو التالفة في الجسم البشري.

توجد ثلاثة أنواع من الاستنساخ:
– الجيني، وفيه يتم إنتاج نسخة جديدة مطابقة من الجينات أو جزء من المادة الوراثية (DNA).
– الإنجابي، حيث يتم إنتاج حيوان جديد بالكامل مطابق للأصلي، مثل النعجة “دوللي”.
– العلاجي، ويقوم بإنتاج خلايا جذعية جنينية يتم استخدامها في علاج الأمراض.
رغم أن العديدين يعتقدون أن الاستنساخ عملية تحدث صناعيا فقط، فإنه بالطبيعة توجد حالتان يتم فيها إنتاج كائن حي مطابق لكائن آخر تماما. الأولى في عالم البكتيريا التي تتكاثر عبر عملية تسمى “التكاثر اللاجنسي”، وتؤدي لتكوين خلايا جديدة تحمل نسخة مطابقة تماما للمادة الجينية التي بالخلية الأم.
والحالة الثانية هي في عالم البشر، وتحدث بالتوائم المتطابقة، فبعد تخصيب البويضة بالحيوان المنوي تنقسم إلى خليتين تحملان نفس المادة الوراثية، وهذا يعني أن التوأميْن الوليدين سيحملان نفس التركيبة الجينية.
أنواع الاستنساخ واستعمالاته:
الاستنساخ الجيني:
الهدف منه الحصول على كمية كبيرة من جين معين لدراسته مثلا، ويتم بإدخال الجين الذي يراد استنساخه من كائن حي إلى المادة الجينية لخلية تدعى “فيكتور”، وقد تكون خلية بكتيرية أو فطريات أو فيروسات.
ثم توضع “فيكتور” في المختبر بظروف مناسبة مما يؤدي إلى تكاثرها، وبالتالي استنساخ كمية كبيرة من المادة الجينية المرغوبة.
الاستنساخ الإنجابي:
يستخدم لاستنساخ حيوانات بأكملها، وذلك بالخطوات التالية:
أخذ المادة الوراثية من نواة خلية جسمية من الحيوان الذي يُرغب في استنساخه، مثل خلية جلد (أي تحتوي على كامل عدد الكروموسومات لا نصفها).
تؤخذ بويضة وتفرّغ من المادة الوراثية، أي أنها لا تحتوي على الكروموسومات، ومحتواها من الجينات يساوي صفرا.
تــُدخل المادة الوراثية من الخلية البالغة في البويضة الفارغة بحقنها أو استخدام تيار كهربائي لدمج الاثنتين معا.
تزرع البويضة الجديدة داخل المختبر في أنبوب اختبار.
تنقل البويضة إلى رحم أنثى تسمى “الأم البديلة” لتحمل بها وتلدها بعد حين.
الوليد يحمل نفس المادة الوراثية للخلية الأصلية التي استنسِخت.
هذه الطريقة هي التي استعمِلت لاستنساخ النعجة “دوللي”.

تطبيقات الاستنساخ الإنجابي:
استنساخ حيوانات ذات صفات مرغوبة، مثل أبقار غزيرة الحليب أو ذات نسب مرتفعة من لحم الهبر.
استنساخ حيوانات متطابقة لإجراء اختبارات الأدوية عليها، مما يساعد في الحصول على نتائج متجانسة وواضحة، ولا يلعب فيها الاختلاف بين الحيوانات دورا في تشويش نتائجها.
استنساخ الفصائل المهددة بالانقراض من الحيوانات.

سلبيات الاستنساخ الإنجابي:
تقنية الاستنساخ الإنجابي ذات فعالية منخفضة للغاية، فالنعجة “دوللي” نجح استنساخها من بين 277 جنينا، أي كانت نسبة النجاح 1 على 227، وهي نسبة منخفضة للغاية.
المواليد المستنسخة تعيش عادة فترة أقصر، فمثلا النعجة “دوللي” عاشت ست سنوات فقط، وهي نصف معدل حياة النعاج وهو 12 سنة.
المستنسخ يعاني عادة من مشاكل في الأعضاء كالقلب والكبد والدماغ.
وجود مشاكل في جهاز المناعة.

الاستنساخ العلاجي:
يشبه هذا النوع الاستنساخ الإنجابي، ولكن الهدف النهائي منه مختلف. فبينما يسمح الاستنساخ الإنجابي للبويضة بالنمو لتكوين كائن حي جديد يزرع في رحم الأم البديلة، يستعمل الاستنساخ العلاجي البويضة مصدرا لإنتاج الخلايا الجذعية، وهي خلايا تملك قدرة غير محدودة على التكاثر والتمايز لأي نوع من الخلايا، والتي يقول العلماء إنها قد تحمل أملا في علاج العديد من الأمراض. كما يساعد هذا النوع من الاستنساخ العلماء في فهم أعمق لطبيعة وكيفية تطور الأمراض.

سلبيات الاستنساخ العلاجي:
الاستنساخ العلاجي يتطلب تدمير الجنين في المختبر لأخذ خلاياه الجذعية، مما يثير قضايا أخلاقية.
يشير بعض العلماء إلى وجود تشابه بين الخلايا الجذعية وخلايا السرطان، إذ تقول دراسات إنه بعد ستين انقساما خلويا تتجمع في الخلايا الجذعية طفرات كافية لتحويلها إلى سرطانية. ولذلك فإنهم يطالبون بالمزيد من الأبحاث قبل استخدام هذه التقنية في علاج الأمراض البشرية.

ادعاءات ومزاعم غير صحيحة:
حذرت المؤسسة الوطنية لأبحاث الجينات البشرية بالولايات المتحدة (مؤسسة بحثية حكومية) في هذا المجال من وجود مزاعم عديدة غير صحيحة، منها أن “استنساخ البشر أمر سهل وتم بالفعل”، إذ ترد على هذا الادعاء بأنه لا توجد أدلة على نجاح استنساخ أجنة بشرية، وجميع الادعاءات والمزاعم الموجودة لا أدلة علمية عليها إطلاقا.
من ناحية علمية، يعتقد أنه من الصعب للغاية استنساخ خلايا جنينية بشرية بسبب خصائص متعلقة بنفس طبيعة الكروموسومات البشرية، إذ تؤدي إزالة نواة البويضة الإنسانية إلى إزالة عضيات ضرورية للانقسام الخلوي، والنتيجة هي عدم نجاح انقسام الخلايا، وهذه مشكلة غير موجودة في الثدييات الأخرى مثل القطط والأرانب. وفي شأن متصل أيضا تشير المؤسسة إلى أنه لا توجد أدلة حتى الآن على إنتاج أجنة بشرية لغايات الاستنساخ العلاجي.
تؤكد المؤسسة أيضا أنه بينما تخضع عملية استنساخ الجينات لإجراءات تنظيمية حازمة، وهي مقبولة عالميا على نطاق واسع، فإن تقنيات الاستنساخ الإنجابي والعلاجي تواجه العديد من القضايا، منها هل يجوز استنساخ شخص على قيد الحياة مما يعني وجود شخصين منه في نفس الوقت؟ أو هل يجوز استنساخ شخص قد مات بالفعل؟
إن الاستنساخ العلاجي مثلا يتطلب تدمير الجنين المزروع في المختبر خلال أيامه الأولى لأخذ الخلايا الجذعية منه واستخدامها. ويجادل البعض بأنه مهما كانت الغاية من ذلك فإنه يعد عملا غير أخلاقي.

تعليقاتكم