مقالات طبية

اترك مخاوفك واطلب المساعدة

لنفترض بأن أحد الأشخاص أفاق من نومه متأخرا وبدأ يحاول جهده أن يسرع حتى لا يتأخر عن عمله، وعند خروجه للركوب بسيارته يجد بأن هناك ثقبا في أحد إطاراتها، الأمر الذي يعني ضرورة تغييره وهذا يعني أيضا تأخره بوقت طويل عن عمله. وفي الأثناء يرى جاره يستعد لتشغيل سيارته، وبما أن مكان عمل ذلك الجار قريب من مكان عمله فإن المنطق أن يستأذن من جاره أن يوصله معه إن أمكن، ولكنه لا يقوم بهذا خوفا من رفض الجار ويلجأ للاتصال بسيارة أجرة مما يضطره للتأخر عن موعد دوامه.
مثال آخر نفترض بأن أحد الأشخاص كان ينتظر دوره في البنك لأمر ما، ويجلس بجانب شخص يقرأ من كتاب لطالما بحث عنه ولم يجده بسؤال ذلك الشخص عن مكان شرائه للكتاب، إلا أنه يتراجع خوفا من أن يكون تصرفه نوعا من اقتحام خصوصية الآخرين!
يمكن لكل منا أن يتعرض لمثل تلك المواقف أو ما شابهها، ويكون الخوف من الرفض، أو حسب ما ذكر موقع “PTB”، يكون الخوف من أن يفسر تصرفه لو طلب من جاره أن يوصله مثلا بأنه نوع من استغلال علاقاته مع جيرانه!!
بالتأكيد توجد حدود في تعاملاتنا مع الآخرين، ولكن تلك المواقف وما شابهها لا تحدث بترتيب مسبق من الشخص وإنما تحدث فجأة، وعندما يشعر المرء بنفسه مضطرا للطلب، فإن الأفضل ترك مخاوفه وطلب ما يريد، فهو بهذا يكون قد حقق ما يلي:
– تحقيق معنى التعاون: علينا أن نعلم بأن معظم الناس يكونون سعداء لتلبية طلب من يحتاج للمساعدة، خصوصا وأن الطلب يكون بصيغة مهذبة ويكون في الوقت المناسب، بمعنى أنك لا تطلب المساعدة بشكل يومي وإنما يحدث هذا الأمر في حالات معينة فقط. جامعة سيمون فريزر الكندية أجرت دراسة على أطفال لم يتجاوزوا العامين من عمرهم وتبين أن هؤلاء الأطفال يشعرون بقدر من السعادة والرضا عندما يقومون بالعطاء تفوق سعادتهم بالأخذ! مما يعني أن الرغبة بالعطاء مزروعة داخلنا منذ بداية وجودنا على هذه الأرض.
– تقريب الناس من بعضهم بعضا: عندما تطلب مساعدة شخص ما فإنه إما سيرفض، وعندها عليك تقبل الأمر بروح رياضية والاقتناع بالعذر الذي قدمه لك، فهو بالفعل قد يكون مضطرا لرفض طلبك لكونه على سبيل المثال مستعجلا هو الآخر، وفي هذه الحالة لا تكون خسرت شيئا إطلاقا. أما في حالة قبوله تقديم المساعدة المطلوبة، فإنك تكون كسبت صديقا جديدا! أو تكون قمت بتقوية أواصر الصداقة التي تربطكما معا. أظهرت إحدى الدراسات التي أجرتها جامعة شيكاغو الأميركية، أن الشخص عندم يكون منتظرا دوره في البنك أو ما شابه، فإنه غالبا يتمنى أن يتحدث مع أي شخص ولكنه يبقى في عزلة خوفا من أن يقتحم خصوصية الآخرين. الأمر الذي يعني بأن سؤالك عن الكتاب الذي بيده يعد وسيلة لتجاذب الحديث الذي غالبا ما سيرحب به.
– الطريق للنجاح: الأمر نفسه ينطبق على بيئة العمل، ففي كثير من الأحيان قد يتجنب المرء سؤال مديره أو زملائه عن أمر معين خوفا من أن يبدو أقل منهم وأنه لا يستحق الوظيفة التي يشغلها. لكن هذا أسلوب خاطئ في التفكير، فطرح الأسئلة وطلب المساعدة يفتح أبواب النجاح على مصراعيها.

تعليقاتكم