مجتمع الصحة

أطفال شجعان يحاربون “السرطان”

صحة نيوز – إنها مشكلة ولكن لها حل.. فحين تظهر الفحوصات والتحاليل الطبية وجود مشكلة ما اسمها ورم، أو (السرطان) لا يستطيع الطبيب إخبار الطفل انه مصاب بهذا المرض إلا من خلال فريق دعم نفسي متخصص..» كما يقول رئيس قسم الاطفال في مركز الحسين للسرطان الدكتور اياد سلطان.
إنها تجربة قاسية لا يجتازها الا الأبطال، «فهناك أطفال شجعان نجوا من هذا المرض، ويشاركون الآن في اليوم العالمي لمكافحة السرطان بمحاربته»، كما يقول الدكتور سلطان.
«فطريقة إخبار المريض بإصابته بالسرطان أمر صعب ويحتاج إلى خبرة بالتعامل خاصة مع الاطفال»، كما يقول الدكتور سلطان.
ويؤكد ان هذه مهمة تحتاج الى دعم من الفريق النفسي حيث تلعب بعض الأمور دورا مهما في كيفية الإخبار منها عمر الطفل، وإدراكه للأمور الصعبة ومدى استيعابه لها.
ويضيف، «لا مكان للكذب عند التعامل مع المرضى وخاصة الأطفال أو إجابتهم عن أي سؤال يطرحه حول حالته المرضية، فإسم المركز، يوضح تماما ان الامراض التي يتعامل معها هي السرطانات».
وبالتزامن مع التظاهرة السنوية التي ينظمها الاتحاد الدولي لمكافحة السرطان لرفع مستوى الوعي من مخاطر المرض عبر الوقاية، وطرق الكشف المبكر للمرض والعلاج، وتصادف اليوم، يتحدث الطفل زين العابدين (10 سنوات) عن رحلة علاجه من سرطان العظم منذ حوالي عامين.
يقول (زين) انه «شعر بداية بألم في ساقه بمنطقة الركبة، وخضع لفحوصات عند أطباء العظام، قبل أن يتم تحديد نوع السرطان، وخضع بعد رحلة علاج بالمضادات الحيوية التي لم يستفد منها، للعلاج لمدة ثلاثة أشهر ظن أنه شفي من المرض، إلا أن الورم عاد بعد أكثر من عام، ما اضطر الاطباء الى إجراء عملية بتر لساقه، ليتحرك بالطرف الاصطناعي».
وفيما يصف (زين) العلاج الكيماوي بأنه «لا يؤلم باستثناء ذلك العلاج الكريه (ذي اللون الاصفر)، إذ أشعر حينها بدوخة في الليل وفقدان للشهية وعدم الرغبة بالحركة»، يوضح الدكتور سلطان أنه «عندما تكذب على الطفل فإنه يفقد الثقة بك مستقبلا، وهذا يؤثر على ثقته بأي إجراء علاجي خاصة أن رحلة العلاج تتراوح بين 6اشهر- 3 سنوات».
ويلفت الدكتور سلطان الى ان 70–80 بالمئة من الاطفال المشخصين بالسرطان في الاردن يتم علاجهم في مركز الحسين للسرطان، بالإضافة الى عدد كبير من الاطفال غير الاردنيين من مختلف أنحاء الوطن العربي، مبينا ان اللوكيميا هي من أكثر السرطانات التي تصيب الاطفال، تليها الليمفوما، ثم اورام الدماغ والأورام الصلبة مثل أورام العظام.
ويؤكد أن أطفالا اجتازوا كل مراحل العلاج بنجاح، وأصبحوا يساندون بقية المرضى كمرشدين نفسيين لهم، لافتا الى أن 275 طفلا تقل أعمارهم عن 15 عاما يُشخصون سنويا بالسرطان في المملكة.
ويرى أهمية معالجة الفئة العمرية من 15 الى 18 سنة في قسم الاطفال،لان الدراسات اثبتت أن هؤلاء اليافعين عندما يتعالجون بقسم الاطفال تكون نتائجهم أفضل ، كما ان الامراض التي يصابون بها تشبه تلك التي تصيب الاطفال الاقل عمرا من ناحية بيولوجية.
ويختلف الاطفال المرضى من طفل الى آخر بحسب نشأته وعمره، بحسب الدكتور سلطان، مشيرا الى صعوبة التعامل مع الطفل المدلل الذي يرفض عادة الدخول الى المستشفى، ويرفض تلقي العلاج، ونتعامل معهم على طريقة معلم المدرسة «نبني الثقة معه خطوة خطوة، ونخلط بين الحزم والنقاش، ويستغرق وقتا اطول كي يفهم بالضبط الاجراء الطبي اللاحق».
ويقول نتعامل مع الاطفال بصراحة وبأدق التفاصيل حتى تتغير الأمور، ونصل معهم لمرحلة يصبحون فيها أقوى من ذي قبل ويتفهمون مراحل العلاج.
الطفل (حسن) في الرابعة عشرة من عمره، أحد ابطال منتخب السباحة الاردني لمسافة 50 مترا، يخضع حاليا للعلاج من سرطان الدم (اللوكيميا)، تجاوز رغبته الملحة بالسباحة لعدم سماح الاطباء له بممارستها خوفا على سلامته.
يقول «أتلقى جرعات صعبة لا يمكن أن يتحملها الانسان العادي، أفقد معها شهيتي للأكل، وتؤدي الى نقصان المناعة، والضعف العام، وقلة الحركة، وآلام مختلفة وسقوط الشعر».
ويؤكد (حسن) أنه تقبل الأمر في رحلة العلاج وخاصة ان والديه وأشقاءه وقفوا الى جانبه، وأنه مصمم على الشفاء ليكمل تعليمه ويدرس الطب ليتوصل الى علاج لهذا «المرض اللعين»، يكون أرحم من العلاج الكيماوي، معبرا عن أمله في «أن يختفي مرض السرطان من الوجود».
تقول الاخصائية النفسية في برنامج الرعاية النفسية والاجتماعية ايمان ابو حطب، إن التعامل مع الأطفال يكون من قبل فريق متعدد التخصصات مثل الاطباء الاستشاريين والمنسقين السريريين وقسم العمل النفسي الاجتماعي، مشددة على أهمية الدور الذي يلعبه الاخصائي النفسي في قسم الاطفال بالتعاون مع الاطباء في كسر الحاجز، وإخبار الاهل والطفل بالإصابة بالمرض، ودعم الأطفال وهم على أسرة الشفاء أو في العيادات الخارجية.
وترى ابو حطب أن الاخصائي النفسي عليه ان يتفهم وضع الطفل واليافع، لأن مراحل العلاج تتضمن تغيرات مهمة في حياتهم، وتحتاج الى الدعم المستمر ليتقبلوا الأمر ويصبحوا مكافحين وداعمين للمصابين بالمرض.

تعليقاتكم